أخبار وطنية

“ركلة بولعيش”.. الركل كحصيلة ثقافيَّة في طنجة!

لم‭ ‬نكن‭ ‬نعلم‭ ‬أن‭ “‬اللجان‭ ‬الثقافيَّة‭” ‬في‭ ‬الجماعات‭ ‬الترابيَّة‭ ‬المغربيَّة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تبتكر‭ ‬أشكالًا‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬التعبير‭ ‬الجسدي،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬جاءت‭ ‬‭”‬ركلة‭ ‬بولعيش‭” ‬لتدخل‭ ‬القاموس‭ ‬السياسي‭ ‬المحلي‭ ‬من‭ ‬بابه‭ ‬العريض،‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬من‭ ‬قدمه‭ ‬العريضة‭!‬

الواقعة‭ ‬ليست‭ ‬مشهدًا‭ ‬من‭ ‬مسرحيَّة‭ ‬هزليَّة،‭ ‬بل‭ ‬حادث‭ ‬مأساوي‭ ‬تعرَّض‭ ‬فيه‭ ‬رجل‭ ‬مسن‭ -‬تؤكد‭ ‬مصادر‭ ‬مطلعة،‭ ‬أنّه‭ ‬صاحب‭ ‬الشركة‭ ‬التي‭ ‬وفَّرت‭ ‬اللوجستيك‭ ‬للمهرجان‭- ‬للضرب‭ ‬والركل‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأشخاص،‭ ‬يتقدّمهم‭ ‬بكل‭ ‬فخر‭ ‬و‭”‬حيويَّة‭ ‬بدنيَّة‭”‬،‭ ‬رئيس‭ ‬اللجنة‭ ‬الثقافيَّة‭ ‬والاجتماعيَّة‭ ‬والرياضيَّة‭ ‬بجماعة‭ ‬طنجة،‭ ‬السيد‭ ‬عبد‭ ‬الواحد‭ ‬بولعيش‭.‬

نعم،‭ ‬رئيس‭ ‬اللجنة‭ ‬الثقافيَّة،‭ ‬لا‭ ‬الصحيَّة‭ ‬ولا‭ ‬الأمنيَّة‭. ‬والثقافة،‭ ‬في‭ ‬تعريفها‭ ‬الجديد‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو،‭ ‬صارت‭ ‬تحتمل‭ “‬ركلات‭ ‬استعراضيَّة‭” ‬بدل‭ ‬العروض‭ ‬المسرحيَّة،‭ ‬و‭”‬نقاشات‭ ‬على‭ ‬الأرض‭” ‬بدل‭ ‬الموائد‭ ‬المستديرة‭.‬

*تنافٍ‭.. ‬تنافس‭.. ‬وركل‭ ‬جماعي‭!‬

السيد‭ ‬بولعيش،‭ ‬الذي‭ ‬يتلقى‭ ‬دعمًا‭ ‬سخيًا‭ ‬من‭ ‬مؤسسات‭ ‬رسميَّة‭ ‬لتنظيم‭ ‬أنشطة‭ ‬ثقافيَّة،‭ ‬وجد‭ ‬نفسه‭ ‬فجأة‭ ‬يمارس‭ ‬رياضة‭ “‬الركل‭ ‬الجماعي‭”‬،‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬لا‭ ‬يمتّ‭ ‬لا‭ ‬للثقافة‭ ‬ولا‭ ‬للروح‭ ‬الرياضيَّة‭ ‬بصلة‭. ‬فهل‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬البلطجة‭ ‬الثقافيَّة‭ ‬التي‭ ‬نرغب‭ ‬في‭ ‬توريثها‭ ‬للأجيال‭ ‬القادمة؟‭ ‬وهل‭ “‬ركلة‭ ‬لكل‭ ‬مواطن‭ ‬مزعج‭” ‬ستصبح‭ ‬سياسة‭ ‬عموميَّة‭ ‬جديدة؟‭!‬

وحتّى‭ ‬لا‭ ‬نظلم‭ ‬الرجل،‭ ‬فـ‭”‬الركلة‭” ‬ليست‭ ‬إنجازًا‭ ‬فرديًّا،‭ ‬بل‭ ‬مدعومة‭ ‬بمنظومة‭ ‬تمويليَّة‭ ‬متشابكة‭: ‬دعم‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة،‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الجهة،‭ ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬شركة‭ ‬أمانديس،‭ ‬التي‭ ‬يعمل‭ ‬بها‭ ‬سيادته،‭ ‬التي‭ ‬تجمعها‭ ‬علاقة‭ ‬تدبير‭ ‬مفوض‭ ‬مع‭ ‬الجماعة‭ ‬نفسها‭. ‬وهنا‭ ‬نسأل‭: ‬هل‭ ‬نحن‭ ‬أمام‭ ‬حالة‭ ‬تنافٍ،‭ ‬أم‭ “‬تناغم‭ ‬إداري‭” ‬على‭ ‬الطريقة‭ ‬البولعيشيَّة؟

*حيـن‭ ‬تُسـند‭ ‬الأمـور‭ ‬إلى‭ “‬أرجــلها‭” ‬بــدل‭ “‬أهــلـــها‭”‬

الركلة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬فقط‭ ‬عملًا‭ ‬مرفوضًا،‭ ‬بل‭ ‬صارت‭ ‬رمزًا‭ ‬مؤلمًا‭ ‬لما‭ ‬آلت‭ ‬إليه‭ ‬بعض‭ ‬مؤسسات‭ ‬التسيير‭ ‬الجماعي‭: ‬الفراغ‭ ‬السياسي،‭ ‬وغياب‭ ‬الكفاءات،‭ ‬وقلّة‭ ‬الحياء‭. ‬فرئيس‭ ‬لجنة‭ ‬بهذا‭ ‬الحجم،‭ ‬يُفترض‭ ‬أن‭ ‬يخطط‭ ‬لمعارض‭ ‬الكتاب،‭ ‬ومهرجانات‭ ‬الفن،‭ ‬وندوات‭ ‬الفكر،‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬يتحوّل‭ ‬إلى‭ ‬بطل‭ ‬مشهد‭ ‬عنيف‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬مسرح‭ ‬الصيف‭.‬

تصريحات‭ ‬بولعيش‭ ‬نفسه‭ ‬بعد‭ ‬الواقعة‭ ‬تُؤكّد‭ ‬أنّه‭ “‬جاء‭ ‬للحزب‭ ‬من‭ ‬بوابة‭ ‬المسؤول‭ ‬الكبير‭ ‬فلان‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬طريق‭ ‬آخر‭”‬،‭ ‬وهي‭ ‬طريقة‭ ‬لطيفة‭ ‬لقول‭: “‬أنا‭ ‬مدعوم‭.. ‬ومن‭ ‬يزعجني‭ ‬تُركل‭ ‬كرامته‭”.‬

*في‭ ‬الختام‭: ‬من‭ ‬حق‭ ‬طنجة‭ ‬أن‭ ‬تحلم‭ ‬بثقافة‮…‬‭ ‬بــــلا‭ ‬ركــــلات‭!‬

أهل‭ ‬طنجة‭ ‬لا‭ ‬يستحقون‭ ‬هذا‭ ‬العبث،‭ ‬ولا‭ ‬تستحق‭ ‬الثقافة‭ ‬أن‭ ‬تُختزل‭ ‬في‭ “‬نعلٍ‭ ‬طائش‭” ‬وسط‭ ‬جمهور‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬والعائلات‭. ‬والمشهد‭ ‬برمته‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬تدخّل‭ ‬عاجل‭ ‬من‭ ‬السلطات،‭ ‬لا‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬الاعتداء،‭ ‬بل‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إعادة‭ ‬تعريف‭ ‬مفهوم‭ ‬الثقافة‭ ‬المحليَّة،‭ ‬هل‭ ‬هي‭ ‬رافعة‭ ‬تنميَّة،‭ ‬أم‭ ‬ساحة‭ ‬ملاكمة‭ ‬سياسيَّة‭ ‬مموّلة‭ ‬من‭ ‬المال‭ ‬العام؟

وفي‭ ‬انتظار‭ ‬توضيحات‭ ‬من‭ ‬حزب‭ “‬تستاهلو‭ ‬الأحسن‭”‬‮…‬‭ ‬نُوصي‭ ‬بعدم‭ ‬الجلوس‭ ‬في‭ ‬الصف‭ ‬الأمامي‭ ‬لأي‭ ‬نشاط‭ ‬ينظمه‭ ‬رئيس‭ ‬اللجنة‭ ‬الثقافية‭ ‬مستقبلًا‭.‬

عن لاديبيش 24

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى