أخبار وطنيةالرئيسيةسياسة واقتصاد

اختلالات معالجة الملفات تُضعف تنافسية البنوك التشاركية في السوق المغربي

أحمد معاوية

على الرغم من الترحيب الشعبي والقانوني الذي واكب انطلاق مسيرة البنوك التشاركية في المغرب والتي جاءت كبديل تمويلي ينسجم مع المبادئ الإسلامية. إلا أن تجربة المتعاملين تكشف عن سلسلة من الإخفاقات التشغيلية التي باتت تُلقي بظلالها على جاذبية هذا القطاع.

يشتكي عدد متزايد من المواطنين والمقاولات الصغرى والمتوسطة من سوء نوعية الخدمات وطول أمدها، خاصة فيما يتعلق بطلبات التمويل. ففي الوقت الذي يُفترض فيه أن تُقدم هذه البنوك نموذجاً مالياً مختلفاً وأكثر يسراً، غالباً ما يجد الزبون نفسه أمام قائمة من الشروط والمتطلبات التعجيزية (على حد تعبير البعض) في إعداد الملفات.

وتشر تقارير صادرة عن مجموعة من الجمعيات المهنية إلى أن معدل رفض ملفات التمويل حتى المستوفاة ظاهرياً للمعايير، لا يزال مرتفعاً، مع تسجيل تباينات كبيرة في التفسيرات المطلوبة للوثائق بين فرع وآخر لنفس البنك.

وقد أكد العديد من المستثمرين المغاربة في حديثهم إلى جريدة “ماروك لايف” أن ملفهم لاستكمال تمويل المرابحة استغرق ما يزيد عن ثمانية أشهر رغم استيفاء جميع الشروط المبدئية، وهو ما يتنافى مع مبادئ “النجاعة والشفافية” التي يؤكد عليها الفصل 36 من الدستور المغربي المتعلق بحماية الممتلكات وتكريس دولة الحق والقانون.

هذه المعضلة التشغيلية تطرح تساؤلات جدية حول مدى قدرة هذه المؤسسات على المنافسة وتلبية الاحتياجات المتنامية للسوق المغربي. إن التراخي في معالجة طلبات المتعاملين لم يعد مجرد مسألة تنظيمية داخلية، بل تطور ليصبح محوراً لعدة شكاوى رسمية موجهة إلى الجهات الرقابية.

فوفقاً لبيانات صادرة عن بنك المغرب (البنك المركزي)، سجلت الأمانة العامة للجنة مؤسسات الائتمان والهيئات المماثلة لرتفاعاً في عدد الشكايات الموجهة ضد البنوك التشاركية بخصوص آجال التمويل خاصة بين الربع الأخير من عام 2023 والربع الأول من عام 2024.

وقد أكد العديد من الخبراء المتطلعين أن هذا التأخير يضرب في أساس القانون رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المماثلة الذي يشدد في المادة 18 منه على ضرورة توفير الخدمات المصرفية بكفاءة وشفافية.

كما يستدل المشتكون بنصوص القانون المدني المتعلقة بـالعقد وشروطه الوفائية حيث يُعتبر تأخير الخدمة بعد استيفاء الشروط مخالفة صريحة للالتزامات التعاقدية.

من جهته حث والي بنك المغرب في تصريحات له خلال ندوات مالية المؤسسات التشاركية على تحسين حكامة معالجة الملفات والالتزام بالآجال المعقولة مشدداً على أن استمرار هذه الممارسات قد يُضعف الثقة في الصيرفة التشاركية، ويُعيق تحقيق الهدف الأسمى المتمثل في دمج شرائح مجتمعية جديدة في الاقتصاد الرسمي وهو ما تتطلع إليه الأهداف التنموية للمملكة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى